الأربعاء، 3 يناير 2007

من مذكراتي (حينما يبكي الحنين)


إلى أخي / مع كامل حبي:
:
:
:

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة صباحا

...حاولت أن أنام..أو حتى أن أتظاهر بالنوم ولكن دون جدوى!! فالأرق يقلق مضجعي..والأفكار تترنح حولي يمنة ويسرة..
السهر يرافقني والليل هو مؤنسي والحضن الذي يحويني!!

شعور عميق إنتابني..جر ورآءه آلاف المشاعر..بت أشعر بالضعف,,بالإنكسار,,بالتعب..

أحسست أني بحاجة إلى صدر أرتمي فيه..ليزيح عن كاهلي ذاك الثقل الذي أرهقه..أشعر بحاجة ليد تمسح دموعي التي إنحدرت منتشرة على وجهي لترسم خارطة عنوانها الأسى....بحاجة لتلك اليد لتربت علي..لتداعب خصلات شعري المنسدله على وجهي والتي أخفت رسم عيني..

آآآه ما أصعب الألم..حاولت أن أتناسى كل تلك الأحاسيس وأمضي ليلتي كعادتي تحت ضوء القمر..أبث تراتيل حزني إلى خيوطه التى كشفت سري!!


ولكن لم أقوى على ردعها.. فقد ملت السكون حتى أوشكت على الإنفجار بل .. وانفجرت!!

ويا ويحي من ذا الذي سيأويني من غزوها؟؟!! فهيجان مشاعري يجعلني أتوه في نفسي ألف مرة..

لم أشعر بقدماي إلا وهي تقودني.. إلى....!!

إلى أين؟؟
لست أدري!!

وصلت عند ذاك الباب المغلق..ودون أن أطرق عليه طرقات تسمح لي بالدخول..هجمت عليه..وإنتشلته من إغلاقه!!



كان على السرير ممدا.. غارق ..في نوم عميق ارهقه يوم شاق..

دخلت..أجر ورائي خطواتي المثقلة..المتعبة..وحينها خانتني آهاتي..فخرجت لتطلق أنفاسها الحارة في وجهه..
فلفحته حرارتها..وهب مفزوعا..لربما ظن أنه وسط حريق!!

رآني..ولكن الظلام لم يسعفه كي يتعرف علي..إلا أن لمعات دمعي كشفت له عن وجهي..وأدرك بأنها الحنين!!


تعجب مني..لم أنا وفي مثل هذا الوقت هنا أمامه!!وبدون أن أشعر رددت بضع كلمات.."
هل تسمح لي أن أبكي في حضنك؟؟"
سكت طويلا..وأفزعني سكوته..إلا أن الصمت بيننا قتل بيديه اللتين طوقتاني..وجذبتاني نحوه بكل رقة..لأكون بين يديه..في ذاك الحضن الذي طلبته!!

لم أستطع أن أتمالك نفسي ..فبكيت وبكيت طويلا..أغرقته معي في بحر عبراتي..

هو لم ينبس بكلمة واحدة..أحسست أنه يناجيني بهمسه..وكأنه يقول: إبكي ولا تتوقفي..فالبكاء يزيح هموم النفس.. أبك يا حنين فأنا معك..

بعد أن خضت ثورة بكاء قاسية..وضع يديه على وجهي..وجلس يتأمل في عيني..لمحت نظراته الحانية التي أشعرتني بالأمان.وبأطرافه الرقيقة..أخذ يداعب دمعاتي..وحاول أن يمحي أثرها..


إبتسم بكل هدوء..وقال: ماالذي يؤرق الحنين؟؟

وما أن نطق بتلك الكلمات..حتى وجدتني أبوح له عن سر لم أسمح حتى لنفسي بمعرفته!!
لربما لأنه قد آن الأوان ليولد..وليرىالنور!!

لم أشعر بالوقت فحديثي وأنا على حضنه أنساني إياه..وبعد أن إنتهيت..هب واقفا..وأخذ بيدي..وكأنه يريدني أن أتبعه..سألته إلى أين؟؟


لم أسمع سوى تمتمات..لم أفهم مكنونها!!

فأخذ يقودني وهو ممسك بيدي..هو أمامي وأنا أتبعه..
حتى وصلنا!!


آآآآه..أخذني إلى مكان أحبه..مكان هو يعرف أن الحنين تعشقه..


كان الظلام يحيط بالمكان..ولكن القمر أنار لنا بضوءه تلك البقعة التي جلسنا عليها..ونسمات مرت علينا ..تداعب فينا الشعور.هي نسمات باردة خفيفة..ما أروعها!!


مسك يدي بقوة وقبل جبيني..وجلس بجانبي..فمد يده على كتفي ليطوقني بها..ووضع الأخرى على يدي التي كانت على ركبته..



حينها شعرت بالحنان..بالطمئنية..ذاك الشعور الذي كنت أبحث عنه..

لم نتكلم بل كان الصمت هو حديثنا..
شعرت براحة لم أشعرها من قبل..
وبقينا هكذا نبحر صامتين حتى بدأت خيوط الفجرتوقظ صمتنا..معلنة وقت العودة!!



عزيزي..

تلك لحظات لن أنساها ما حييت..وقفاتك معي أشعرتني بأن هنالك لا تزال قلوب محبة حانية..
لذا وهبتك قلبي من بينهم..

أحبك.. أحبك..أجبك.
 
3/1/2007